عزيزي القارىء، هل سبق لك مشاهدة مسلسلات الأنمي الشهيرة Clannad أو Steins;Gate او uta no prince sama او ؟ أو حتى Higurashi ؟ إن هذه الأعمال و الكثير غيرها ليست مقتبسة من رواية جيب أو مانجا كما هو الحال مع معظم المسلسلات الأخرى، بل هي مقتبسة من لون فني و قصصي آخر يُعرف في اليابان باسم Visual Novel ( سأستخدم ترجمة “الرواية المرئية” من الآن فصاعداً في هذا المقال ). فما هي الروايات المرئية يا تُرى ؟
كتعريف بسيط جداً الروايات المرئية هي أعمال قصصية تصدر على جهاز الحاسب الشخصي في المعتاد و تنتقل الإصدارات الشهيرة منها إلى أجهزة الكونسول، لا تحتوي الروايات المرئية في معظمها على أي نوع من اللعب و إنما تحتوي على طريقة واحدة للتفاعل و هي تحديد الخيارات التي تغير مسار القصة و نواتجها.
هل يُمكن القول بأن الروايات المرئية هي ألعاب ؟ حسناً تحديد ناتج القصة هو نوع من التحكم و اللعب بمجريات القصة و لذلك يمكن تسمية هذه المنتجات بالألعاب اصطلاحاً، و إن كانت في رأيي ليست ألعاب و إنما “روايات مرئية” بالضبط كما هو اسمها، حيث تحتوي الروايات المرئية على الموسيقى و تحتوي على التمثيل الصوتي في بعض الأحيان، و تحتوي على خلفيات مرسومة بالكمبيوتر CG و تصاميم شخصيات تشابه ما هو شائع في أعمال الأنمي إجمالاً. و في بعض الحالات تصدر روايات مرئية لا تحتوي على أي خيارات أو مسارات قصصية، و تُعرف هذه الروايات في اليابان باسم Sound Novel.
الحقيقة أن بداية الروايات المرئية في اليابان هي بداية مُخجلة حقاً، فقد بدأ هذا الصنف من الأعمال كقصص إباحية بالكامل في الثمانينات و انتشر على أجهزة الحاسب الشخصي التي كانت تصنعها اليابان و تحاول بها منافسة شركات الحاسب الأمريكية آنذاك، حيث لم تكن القصة سوى وسيلة سريعة للوصول إلى المشاهد الخلاعية التي تحتويها هذه الأعمال، و يُمكنك أن تلحظ أن آثار هذه البداية لا زالت موجودة في الصنف حتى اليوم. في التسعينات بدأت الأمور تتغير شيئاً فشيئاً عندما بدأ مجموعة من الكتاب البارعين باستعمال هذا الوسيط الفني لطرح قصص عالية الجودة بل و كان بعضها يصل إلى درجة التعملق مما قلب وضعية هذا الوسيط في اليابان بالكامل ليتحول إلى واحد من أضخم الوسائط القصصية و أفضلها.
إن أكثر الأعمال الثورية في هذه الجنرا و التي يُنسب إليها الفضل في تغيير النظرة العامة بالكامل له هي الرواية المرئية Yu-no لمؤلفها Hiroyuki Kanno الذي كان يكرس وقته لقراءة روايات آرثر كونان دويل و كان يعشق الروايات و ألعاب الفيديو عشقاً جماً، حيث تمكن من تفجير مواهبه القصصية بالتعاون مع شريكه المخلص الملحن المتوفي Ryu Umemoto عندما كتب ثلاثة أعمال قصصية بارزة في النصف الأول من التسعينات:Desire و Xenon و Eve Burst Error، و يمكن القول أن أساليب كانّو في الغموض و السرد القصصي بالإضافة إلى عناصر الخيال العلمي و العوالم الموازية قد تركت أثراً بالغاً على الصناعة ككل.
أما القصة الأضخم و الأكبر لهيرويوكي كانّو فهي يو-نو التي صدرت عام 1996 والتي عمل عليها مع ذات الملحن لتكون أكثر الأعمال ثورية في هذا الصنف من الألعاب على الإطلاق. و استمر هذا الصنف بالتشكل و التطوّر ليحقق نهضة و ثورية قصصية حقيقية خلال العقد الأول من الألفية الذي شهد بزوغ العديد و العديد من الكتاب العمالقة، أذكر منهم كلاً منTakumi Nakazawa و زميله Kotaro Uchikoshi اللذان عملا على سلسلة Infinityالشهيرة ( Never 7 و Ever 17 و Remember 11 ). و ريوكيشي07 الذي عمل علىHigurashi و Umineko، و loose boy الذي ألف Sharin no Kuni و G-Senjou no Maou.
إلا أن صاحب الأثر الأكبر خلال العقد ربما تكون شركة Key مع كاتبها الرئيسي Jun Maeda و الذي قام بكتابة كل من Air و Clannad، حيث أوجدت شركته نوعاً جديداً من هذه الأعمال يُعرف بالـ Nakige، و هي أعمال تستدر تعاطف القارىء و تهدف إلى إسالة دموعه. الخلطة القصصية التي أوجدها جون ميدا أصبحت رائجة للغاية و شائعة في العديد من الألعاب الأخرى و هي تنقسم إلى أربع خطوات: المقدمة الكوميدية التي تحتوي التعريف بالشخصيات، التراجيديا الصادمة، فلمّ الشمل العاطفي، فالنهاية السعيدة.
و لعل أحد أبرز الأعمال التي صدرت في اليابان تحت صنف الفيجوال نوفل هي لعبة 428 fūsa sareta shibuya de التي صدرت على جهاز الوي و حصلت على العلامة الكاملة من مجلة فامتسو، و استخدمت صوراً حقيقية بدلاً من تصاميم و رسومات الأنمي المعتادة. و هناك العديد من الأعمال الأخرى التي حصلت على شعبية منقطعة النظير مثل Muv Luv Alternative و Fate/Stay Night التي اقتبسها استوديو Deen في أنمي قبل عدة سنوات.
لم تُلاقي أعمال الروايات المرئية رواجاً كبيراً خارج اليابان حتى يومنا هذا، و لا تزال النجاحات محدودة بشكل كبير و مقتصرة على بعض الأعمال التي تمتلك جزئيات لعب متعددة مثل سلسلة Ace Attorney و سلسلة Zero Escape، و من الصعب أن تلقى الأعمال الأخرى أي نجاح نظراً لتشديد الرقابة من الغرب تجاه هذه الأعمال و الفكرة بكونها روايات خلاعية بحتة، و الحقيقة أن هذه النظرة تجانب الحقيقة كثيراً حيث نما هذا الصنف و ترعرع بشكل عملاق في آخر السنوات، حتى أصبحت محتوياته في غاية الضخامة لتقارع أكبر الروايات العالمية، و حتى أن العمل عليها يطول ما بين السنتين و الأربع سنوات، و يصل تعداد الكلمات إلى الآلاف، و بذلك تمكن من جذب فئة من العشاق الأوفياء تقوم بترجمة بعض هذه الروايات إلى اللغة الإنجليزية لتتمكن – عزيزي القارىء – من الاطلاع عليها و تذوق جماليتها الحقيقية.
(لكن ارى كراي الشخصي ان الكثير من هذه الاعمال لقيت حبا و اعجابا لكثرين ليسوا من قارة اسيا و لقيت نجاحا حسب ما ارى لكن طبعا اعمال المنغا تنجح اكثر رغم ذلك فالكثير من الانميات من الروايات المرئية لقيت رواجا في العالم حتى ان لم يكن كبيرا فكثيروا قد احبوها)